للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوُصف بالصمم والخرس والبكم، والله منزه عن ذلك، متصفٌ بصفات الكمال (١).

وقال الإمام ابن القيم-رحمه الله-: ((إنه قد ثبت بصريح العقل أن الأمرين المتقابلين إذا كان أحدهما صفة كمال، والآخر صفة نقص، فإن الله سبحانه يوصف بالكمال منهما دون النقص، ولهذا لما تقابل الموت والحياة، وُصف بالحياة دون الموت، ولما تقابل العلم والجهل، وُصف بالعلم دون الجهل، وكذلك العجز والقدرة، والكلام والخرس والبصر والعمى، والسمع والصمم، والغنى والفقر، ولما تقابلت المباينة للعالم والمداخلة له، وُصف بالمباينة دون المداخلة، وإذا كانت المباينة تستلزم علوه على العالم أو سفوله عنه، وتقابل العلو والسفول، وُصف بالعلو دون السفول)) (٢).

وهذه القاعدة يمكن طردها في جميع الصفات، فيقال أن الله -عز وجل- لو لم يكن متصفاً بالصفة المعيَّنة التي هي كمال في حقه ولا تستلزم نقصاً بوجه من الوجوه، للزم من ذلك اتصافه بنقيضها من النقص، وقد دلَّ الشرع والعقل والفطر السليمة على وجوب تنزهيه -سبحانه وتعالى- عن كلِّ نقصٍ أو عيبٍ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: ((وطرد ذلك: أنه لو لم يوصف بأنه مباين للعالم لكان داخلاً فيه، فسلب إحدى الصفتين المتقابلتين عنه يستلزم ثبوت الأخرى، وتلك صفة نقص ينزه عنها الكامل من المخلوقات، فتنزيه الخالق عنها أولى.

وهذه الطريق غير قولنا: أن هذه صفات كمال يتصف بها المخلوق، فالخالق أولى، فإن طريق إثبات صفات الكمال بأنفسها مغاير لطريق إثباتها بنفي ما


(١) انظر: التدمرية ص (١٥١)، تقريب التدمرية ص (٦٥).
(٢) الصواعق المرسلة (٤/ ١٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>