للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها - صفة كمال"

وكذلك صفات "العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والفعل ونحو ذلك".

وبناء على ذلك "وما كان صفة كمال فهو - سبحانه وتعالى - أحق بأن يتصف به من المخلوقات، فلو لم يتصف به مع اتصاف المخلوق به لكان المخلوق أكمل منه".

فالله -عز وجل- موصوف بكل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه، منزه عن جميع النقائص والعيوب، ومن الطرق التي استخدمها أهل السنة والجماعة في تقرير هذه الحقيقة، مسلك عقلي يقوم على أن نفي الصفة إثبات لنقيضها، وهذه قاعدة عقلية متفق عليها بين جميع العقلاء، أن الذي لا يتصف بالعلم مثلاً فهو جاهل، والذي لا يتصف بالعدل فهو ظالم، وهكذا فالله -عز وجل- لما كان متصفاً بكل أنواع الكمالات التي يُتصور وجودها من غير استلزامها لأي نقصٍ بوجهٍ من الوجوه، فإن نفي هذا الكمال عنه يستلزم وصفه بنقيضه من النقص الذي هو منزه عنه أصالةً، ((وهذه الطريقة هي من أعظم الطرق في إثبات الصفات، وكان السلف يحتجون بها، ويثبتون أن من عبد إلهاً لا يسمع، ولا يبصر، ولا يتكلم، فقد عبد رباً ناقصاً معيباً مؤوفاً (١)، ويثبتون أن هذه صفات كمال فالخالي عنها ناقص)) (٢).

فإنه لو لم يكن الله تعالى موصوفاً بإحدى الصفتين المتقابلتين للزم اتصافه بالأخرى.

فلو لم يتصف بالحياة لوُصف بالموت، ولو لم يتصف بالعلم لوُصف بالجهل، ولو لم يوصف بالقدرة لوُصف بالعجز، ولو لم يُوصف بالسمع والبصر والكلام


(١) مؤوفاً، من الآفة وهي العاهة، انظر: القاموس المحيط ص (١٠٢٦).
(٢) درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>