فالمشبهة أجروا هذه النصوص على ظاهرها، ولكن جعلوا ظاهرها من جنس صفات المخلوقين، كقولهم: له يد كيدي، وسمع كسمعي، وبصر كبصري، فهم من جهة أثبتوا الصفة فأثبتوا اليد، وأثبتوا السمع، وأثبتوا البصر، وأثبتوا الاستواء، وأثبتوا سائر الصفات، لكنهم تعمقوا في شأن الكيفية وجعلوا تلك الصفات من جنس ما للمخلوق.
وشبهة هؤلاء أنهم يقولون: إن الله تعالى لا يخاطبنا إلا بما نعقل، فإذا كلمنا عن يد، فنحن لا نعقل من اليد إلا هذه اليد الجارحة، ولذلك نقول: له يد كيدي، ونقول: له سمع كسمعي، وبصر كبصري.
والمعطلة: لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات، فهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته، بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم.
والمعطلة يسمون نصوص الصفات نصوص التشبيه وفي هذا يقول قائلهم: "وظواهر أحاديث التشبيه-يعني بها أحاديث الصفات-أكثرها غير صحيحة، والصحيح منها ليس بقاطع، بل هو قابل للتأويل" (١).
وبالتالي فإن هذا المعنى كما قال المصنف: "لا ريب أن هذا غير مراد".
النقطة الثانية: أن هذا الزعم والظن في النصوص أمر لا تدل عليه النصوص.
ولذلك قال المصنف: "ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمّون هذا ظاهرا، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفرًا وباطلا، والله - سبحانه وتعالى - أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر وضلال".
(١) الاقتصاد في الاعتقاد لأبي حامد الغزالي ص ١٣٢ - ١٣٣.