للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يقول الله: عبدي جعت فلم تطعمنى. فيقول: ربِّ كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟!. فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا جاع، فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي. عبدي مرضت فلم تعدني. فيقول: ربِّ كيف أعودك وأنت رب العالمين؟!. فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، فلو عدته لوجدتني عنده) (١). وهذا صريح في أن الله سبحانه وتعالى لم يمرض ولم يجع، ولكن مرض عبده وجاع عبده، فجعل جوعه جوعه، ومرضه مرضه، مفسِّرًا ذلك بأنك (لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عدته لوجدتني عنده). فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل.

الشرح

فالشبهة: قول بعض المغالطين: إن ظتهر الحديث أن الله يمرض ويجوع، وهو محال يجب تأويله، وهذا دليل على أن ظواهر النصوص محالة وتحتاج إلى تأويل.

وهنا جملتان:

١ - أن ظاهر الحديث أن الله يمرض ويجوع.

٢ - أنه محال غير مراد. (٢)

والجواب: أن الحديث صريح في أن الله لم يمرض ولم يجع، وإنما مرض عبده، وجاع عبده؛ فالحديث بمجموع سياقه يفسر بعضه، فسياق الحديث فسر المقصود عبارة عبارة فقوله: ((يقول الله: عبدي جعت فلم تطعمنى)) جاء تفسيره في نص سياق الحديث بقوله: ((فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا جاع، فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي (٣).


(١) صحيح مسلم: ٢٥٦٩.
(٢) التوضيحات الأثرية ص: ١٥٢ - ١٥٣
(٣) ملاحظة: قوله: ((فلو عدته لوجدتني عبده)) هذه العندية تتضمن القرب والمعية الخاصة والرعاية ولا تتحقق إلا في عبادة العبد المومن دون الكافر والفاجر، وهذا مثل قوله: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)) (")، وقوله تعالى: (لا تحزن إن الله معنا).
ولم يقل في الإطعام (لوجدتني عنده) وإنما قال: (لوجدت ذلك عندي) أي الأجر والثواب مما يدل على أن الإطعام عام للمؤمن والكافر، أما المعية فخاصة للمؤمن المريض. انظر: التوضيحات الأثرية ص: ١٥٢ - ١٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>