وقوله:((عبدي مرضت فلم تعدني)). جاء تفسيره في نص سياق الحديث بقوله:((أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، فلو عدته لوجدتني عنده)).
فالتفسير جاء من الحديث نفسه من رب العالمين، لأن الحديث حديث قدسي الله هو الذي تكلم به سبحانه، فأجمل في أول الحديث، ثم فسر وأوضح فلم يبق شيء يحتاج إلى التأويل، كما قال المصنف:"فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"والمقصود هنا أن قوله لو عدته لوجدتني عنده" … " ليس ظاهره أن ذات الله تكون موجودة في المكان الذي يكون ذلك فيه، بل يكون الله موجودًا عنده أي في نفسه، إذ هذه العندية أقرب إليه من تلك العندية، فإن الظرف المتصل بالإنسان أقرب إليه من الظرف المنفصل عنه، فحمل الكلام عليه أولى؛ وإذا كان الظرف هو نفسه فقوله:((وجدتني عنده)) كقوله: وجدتني في قلبه، ووجدتني في نفسه، ووجدتني حاضرًا في قلبه، ووجدتني ثابتًا في قلبه، ونحو ذلك من العبارات.
ومعلوم أن هذا الخطاب حق على ظاهره كما تقدم من ثبوت تعلقات الظرف بالمظروف وإن ذلك ليس بمنزلة قوله: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {[النور ٣٩]، بل باقتران ما أضيف إليه الظرف في الموضعين اقترن تعلقه بالمظروف كما لو قيل لبعض الصحابة وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحد، وقال الآخر وجدت رسول الله عند المتبعين لسنته لاسيما وقد علم المخاطب أنه يمتنع أن يشاهد الموجود عند غيره،