للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد علم المخاطب بقوله ((لو عدته لوجدتني عنده)) وعلم موسى بن عمران أنهم لا يشهدون الله عيانًا في الدنيا فلا يظهر لهم من قوله لوجدتني عند عبدي المريض وعند المنكسرة قلوبهم من أجلي إلاَّ ما هو المناسب اللائق بهذا المضاف إليه دون المضاف إلى غيره" (١).

وفي هذا تطبيق للضوابط التي يرجع إليها في تفسير ظاهر النص.

فالحديث سياقه صريح في أن الله لم يمرض ولم يجع، وإنما مرض عبده وجاع عبده، كما

في قوله: "أما علمت أن عبدي فلانًا جاع .. "، فالظاهر هو مجموع الحديث لا أحاد ألفاظه، ولا يجوز الحكم على أول الكلام دون بقيته كما في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} [الماعون الآية: ٤]، فيجب تفسيرها بما بعدها، كما قال أبو نواس (١) منتحلًا هذا المبدأ الفاسد:

"ما قال ربك ويل للأولى سكروا وإنما قال ويل للمصلين"

المتن

قال المصنف رحمه الله تعالى: "وأما قوله: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن) (٢)، فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصل بالأصابع، ولا مماس لها، ولا أنها في جوفه. ولا في قول القائل: هذا بين يدَيّ. ما يقتضي مباشرته ليديه. وإذا قيل: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [البقرة الآية: ١٦٤]، لم يقتض أن يكون مماسًا للسماء والأرض. ونظائر هذا كثيرة.


(١) بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية ٦/ ٢٦٥ - ٢٦٩.
(٢) صحيح مسلم: ٢٦٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>