للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يمكن أن تتحرك أعمال القلوب في القلب ولا أن تقوم بواجبها ما لم تكن على معرفة بالله عز وجل!

إذًا، كيف تتحقق في القلب أعمال القلوب؟

فمثلًا إذا علمت أن الله هو الخالق، وهو الرازق، وهو المحيي، وهو المُميت، وهو النَّافع، وهو الضَّار، وهو القابض، وهو الباسط. إذا علمت هذا أَثْمَر في قلبك توكلًا على الله عز وجل. هذه المعرفة تُوَلِّدُ التوكل. ممن تخاف ومَن ترجو والرزق بيد الواحد الأحد عز وجل؟! يرزق من يشاء بغير حساب. وكيف ترجو ما في يد الناس؟ أو حتى كيف تحسد فلانًا من الناس: أن أعطاه الله تعالى من فضله؛ {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: ٢٦]؛ فالخير بيد الله عز وجل، والله يختص برحمته مَنْ يشاء؛ فكيف لقلبٍ أن يحسد لو كان على إيمان؟! ويحسد مَن؟! كأنما يعترض على حكم الله عز وجل: أن أعطى فلانًا ومنع فلانًا!

فصلاح قلوبنا وحمايتها من تلك الأمراض التي تضرها، وتفسد على الإنسان حياته مِنْ غِلٍّ وحسد وحقد وغِيبة ونميمة. إلى غير ذلك من أمراض-سببها هو: أن الإنسان ما عرف الله تعالى حقَّ المعرفة، ومثلًا الله عز وجل أخبرك بأنه عليم، وأنَّه سميع، وأنه بصير؛ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومُطَّلِع على عملك وعلى فعلك؛ أفَلَا يحملُك هذا على الحياء منه؟!

فيجب أن يحمل هذا العبدَ على خوف الله تعالى، على مراقبته، على خشيته؛ فلو أن النفوس استحضرت هذه المعاني لَمَا أَقْدَمَت على فِعل معصية، ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَزني الزَّاني حين يَزني وهو مؤمن، ولا يَشرب الخمرَ حين يَشرب وهو مُؤمنٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>