للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد لو أن قائل قال: قوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، هذا يُفهم منه أن الله داخل السماء وأن السماء مُحيطة به، هل يُقبل هذا؟!

فيُقال له: هذا فهمك أنت الخاطئ، ولكن الذي يَفهمه العلماء ويفهمه أصحاب المعتقد الصحيح السليم أن قوله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}، أي: على السماء.

فلفظ "السماء" هنا في الآية له معنيان:

الأول: العلو.

والثاني: الجرم المخلوق المعروف، الذي هو السقف المحفوظ.

فإذا قال أهل السنة: "الله في السماء" فمعنى السماء هنا: العلو.

ومن أراد بلفظ السماء ذلك الجرم المخلوق: فإنه يجعل "في" بمعنى "على".

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله": وأما قوله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ)] الملك الآية: ١٦ [فمعناه: مَنْ على السماء يعني: على العرش.

وقد يكون "في" بمعنى "على ألا ترى إلى قوله تعالى: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ)] التوبة الآية: ٢ [أي: على الأرض، وكذلك قوله: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)] سورة طه: ٧١ [" انتهى (١).

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: "معنى كون الله في السماء: معناه على السماء أي فوقها، فـ (في) بمعنى "على"، كما جاءت بهذا المعنى في قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض) أي: عليها.

ويجوز أن تكون (في) للظرفية، و (السماء) على هذا بمعنى العلو، فيكون المعنى: أن الله في العلو، وقد جاءت السماء بمعنى العلو في قوله تعالى: {أنزل من السماء ماء}

ولا يصح أن تكون (في) للظرفية إذا كان المراد بالسماء الأجرام المحسوسة؛


(١) "التمهيد" (٧/ ١٣٠ (.

<<  <  ج: ص:  >  >>