المراد بها لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الملك الذي نزل بالقرآن، وهو جبريل ولا يعلمه محمداً صلي الله عليه وسلم ولا غيره من الأنبياء، ولا تعلمه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وأن محمداً صلي الله عليه وسلم كان يقرأ قوله تعالي {الرحمن على العرش استوى} طه: ٥ قوله {إليه يصعد الكلم الطيب} فاطر: ١٠ وقوله {بل يداه مبسوطتان} المائدة: ٦٤ وغير ذلك من آيات الصفات، بل ويقول:"ينزل ربنا كل ليلة إلي السماء الدنيا" ونحو ذلك، وهو لا يعرف معاني هذه الأقوال، بل معناها الذي دلت عليه لا يعلمه إلا الله، ويظنون أن هذه طريقة السلف.
من قول أهل السنة الإيمان بالنصوص على ظاهرها ورد التأويل الفاسد، ويقصد بظاهر النصوص مدلولها المفهوم بمقتضى الخطاب العربي، لا ما يقابل النص عند متأخري الأصوليين، والظاهر عندهم على حد تعريفهم: ما احتمل معنى راجحاً وآخر مرجوحاً، والنص هو ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، (فلفظة الظاهر قد صارت مشتركة، فإن الظاهر في الفطر السليمة، واللسان العربي، والدين القيم، ولسان السلف، غير الظاهر في عرف كثير من المتأخرين)(١).
فالواجب في نصوص الوحي إجراؤها على ظاهرها المتبادر من كلام المتكلم، واعتقاد أن هذا المعنى هو مراد المتكلم، ونفيه يكون تكذيباً للمتكلم، أو اتهاماً له بالعي وعدم القدرة على البيان عما في نفسه، أو اتهاماً له بالغبن والتدليس وعدم النصح للمكلف، وكل ذلك ممتنع في حق الله تعالى وحق رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم.
ومراد المتكلم يعلم:
أ - إما باستعماله اللفظ الذي يدل بوضعه على المعنى المراد مع تخلية السياق
(١) ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣٣/ ى ١٧٥).