للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أية قرينة تصرفه عن دلالته الظاهرة.

ب - أو بأن يصرح بإرادة المعنى المطلوب بيانه.

ت - أو أن يحتف بكلامه من القرائن التي تدل على مراده.

وعلى هذا فصرف الكلام عن ظاهره المتبادر -من غير دليل يوجبه أو يبين مراد المتكلم-تحكم غير مقبول سببه الجهل أو الهوى، وهذا وإن سماه المتأخرون تأويلاً إلا أنه أقرب إلى التحريف منه إلى التأويل.

ولا يسلم لهذا المتأول تأويله حتى يجيب على أمور أربعة:

أحدهما: أن يبين احتمال اللفظ لذلك المعنى الذي أورده من جهة اللغة.

الثاني: أن يبين وجه تعيينه لهذا المعنى أنه المراد.

الثالث: أن يقيم الدليل الصارف للفظ عن حقيقته وظاهره؛ لأن الأصل عدمه.

قال ابن الوزير رحمه الله: "من النقص في الدين رد النصوص والظواهر، ورد حقائقها إلى المجاز من غير طريق قاطعة تدل على ثبوت الموجب للتأويل" (١).

الرابع: أن يبين سلامة الدليل الصارف عن المعارض، إذ دليل إرادة الحقيقة والظاهر قائم، وهو إما قطعي، وإما ظاهر، فإن كان قطعيا لم يلتفت إلى نقيضه، وإن كان ظاهراً فلابد من الترجيح (٢).

قال ابن القيم: «والمقصود أن التَّأْوِيل يتجاذبه أصلان: التفسير، والتَّحْرِيف.

فتأويل التفسير هو الحق، وتأويل التَّحْرِيف هو الباطل.

فتأويل التَّحْرِيف مِنْ جنس الإلحاد؛ فإنه هو الميلُ بالنصوصِ عن ما هي عليه،


(١) ((إيثار الحق)) لابن الوزير (ص ١٢٩).
(٢) ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ٣٦٠ - ٣٦٢)، و ((الصواعق المرسلة)) لابن قيم الجوزية (١/ ٢٨٨ - ٢٩٠)، و ((بدائع الفوائد)) لابن قيم الجوزية (٤/ ١٠٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>