للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومنه كذلك قول المصنف: "كما قال في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته قال: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف الآية: ١٠٠ [فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا".

والقسم الثاني: الأمر.

فإذا كان الكلام من هذا القسم، فإن تأويله امتثال ما دلَّ عليه الكلام إذا كان الكلام طلباً، كما قال المصنف: "فإن نفس الفعل المأمور به هو تأويل الأمر به".

ومثاله: "قول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) يتأول القرآن. تعني قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}. وقول سفيان بن عيينة: السُّنة هي تأويل الأمر والنهي".

وقول المصنف: "ولهذا يقول أبو عبيد وغيره: الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة. كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصَّمَّاء، لأن الفقهاء يعلمون نفس ما أُمر به ونفس ما نُهي عنه، لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يعلم أتباع أبقراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهم ما لا يُعلم بمجرد اللغة".

أعطى المصنف هنا مثالًا على تأيل الأمر بقول "أبو عبيد وغيره: الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة" (١).

أي لما كان تأويل الأمر والنهي-وهو امتثالهما-يحتاج إلى العلم به كان الفقهاء أعلم بتأويل الأحكام من أهل اللغة لأنهم يعلمون مقاصد الشريعة، ولهم ممارسة الألفاظ الوحيين، لهذا قال الإمام ابن خزيمة: "ومحال أن يكون أهل الشعر أعلم بلفظ الحديث من علماء الأثر الذين يعنون بهذه الصناعة يروونها ويسمعونها من ألفاظ العلماء ويحفظونها، وأكثر طلاب العربية إنما يتعلمون من


(١) ((غريب الحديث)) (٢/ ١١٧ - ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>