للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ المبين، وعلينا التصديق" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا الكلام مروي عن مالك بن أنس تلميذ ربيعة من غير وجه، منها: ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني، وأبو بكر البيهقي، عن يحيى بن يحيى قال: كنا عند مالك بن أنس، فجاء رجل، فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، كيف استوى؟، فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرُّحَضَاء ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعًا، ثم أمر به أن يُخرج" (٢).

فقول ربيعة ومالك: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" موافقٌ لقول الباقين: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف"، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة) (٣).

وقد علَّق الإمام الذهبي-رحمه الله-، على قول الإمام مالك بقوله: ((وهو قول أهل السنة قاطبة: أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نعمِّق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أن الله لا مثل له لا في صفاته، ولا في استوائه ولا في نزوله -سبحانه وتعالى-) (٤).


(١) انظر: كتاب الفتوى الحموية الكبرى الجزء الأول صفحة (٣٠٦).
(٢) انظر: كتاب الأسماء والصفات للبيهقي الجزء الثاني صفحة (٣٠٥).
(٣) الفتوى الحموية
(٤) العلو (٢/ ٩٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>