للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الوليد بن مسلم-رحمه الله-: ((سألت مالك بن أنس، وسفيان الثورى، واللَّيث بن سعد، والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات، فقالوا: "أمروها كما جاءت"، وفى رواية فقالوا: "أمروها كما جاءت بلا كيف)) (١).

فقولهم: ((بلا كيف))، صريح في نفي العلم بالكيفية، وقولهم: ((كما جاءت)) صريح في إثبات المعنى؛ لأن هذه الأخبار جاءت بلسان عربي مبين، وهم أهل هذا اللسان، فلا يتصور عاقلٌ أنهم لم يدركوا معانيها وسكتوا عن السؤال عنها.

"فقولهم ـ رضي الله عنهم ـ: "أمِرُّوها كما جاءت" ردٌّ على المعطلة، وقولهم: "بلا كيف" رد على الممثلة. والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم، والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين، ومن طبقتهم حماد بن زيد، وحماد بن سلمة وأمثالهما" (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول"، ولما قالوا: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف" (٣)، فإن الاستواء حينئذٍ لا يكون معلومًا، بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم.

وأيضًا: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية، إذا لم يفهم من اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.

وأيضًا: فإن من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقًا لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فمن قال: إن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان


(١) تقدم تخريجه.
(٢) الفتوى الحموية ١/ ٣٠١
(٣) تقدم الإشارة إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>