للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَولى، لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعاره بما لا يراد به، فإذا كان اللفظ لا إشعار له بمعنى من المعاني، ولا يُفهم منه معنى أصلا، لم يكن مشعرًا بما أُريد به، فلأن لا يكون مشعرًا بما لم يرد به أَولى. فلا يجوز أن يقال: إن هذا اللفظ متأوّل، بمعنى أنه مصروف عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، فضلاً عن أن يقال: إن هذا التأويل لا يعلمه إلا الله، اللهم إلا أن يراد بالتأويل ما يخالف الظاهر المختص بالمخلوقين، فلا ريب أن من أراد بالظاهر هذا فلا بد أن يكون له تأويل يخالف ظاهره".

وهنا ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن دعوى هؤلاء بأنهم: "لا يفهمون من النص شيئًا" فإنهم إن كانوا من أصحاب القسم الذي يقول: تجرى على ظاهرها، ومع ذلك يجوز أن يكون المراد أمراً آخر، فيجوز أحد الاعتبارين، أحد الحالين، يجوز في نفس الوقت إجراؤها على ظاهرها، ويجوز في نفس الوقت أن يكون لها معنى آخر لا يعلمه إلا الله تعالى

فإن أهل هذه القسم مخصومون من نفس قولهم، فإنهم إذا كانوا لا يفهمون شيئًا من النص كما قال المصنف هنا: "لأنّا إذا لم نفهم منه شيئًا"

أي أننا إذا لم نفهم من هذه النصوص أي معنى لم يجز أن نقول: إن لها تأويلا يخالف الظاهر أو يوافقه، لأنه قد يكون الظاهر هو معناها الصحيح فنفي العلم بالمعنى مع نفي الظاهر تناقض لأن الجاهل بالمعني جاهل بإرادة الظاهر أو عدم إرادته.

فيلزم من ذلك أنه لا يجوز لهم التحكم بالزعم بأحد الجانبين بأن يقولوا له تأويل يخالف أو يوافق ظاهره. قال المصنف: "لم يجز أن نقول: له تأويل يخالف الظاهر ولا يوافقه".

فهؤلاء لاحجة لهم في هذا المسلك لأن الظاهر كما ذكره المصنف هنا:

<<  <  ج: ص:  >  >>