للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لإمكان أن يكون له معنى صحيح، وذلك المعنى الصحيح لا يخالف الظاهر المعلوم لنا"، فالاحتمال قائم بإمكان أن يكون له معنى صحيح لا يخالف المعنى المعلوم لنا.

الأمر الثاني: قوله: "فإنه لا ظاهر له على قولهم، فلا تكون دلالته على ذلك المعنى دلالة على خلاف الظاهر فلا يكون تأويلا، ولا يجوز نفي دلالته على معان لا نعرفها على هذا التقدير، فإنَّ تلك المعاني التي دلت عليها قد لا نكون عارفين بها".

أي بما أن هؤلاء سلكوا منهج التجهيل وهو دعوى التوقف في معنى النصوص، فيقولون: «الله أعلم بمراده» (١)، والتجهيل الذي هو التفويض في حقيقته هو دعوى الجهل والتوقف في معاني النصوص، وأن هذه النصوص لا يعلم معناها، فالتوقف والجهل لا ينفي أن يكون على معنى من المعاني، وهذا يعنى أنه لا ظاهر له، فلا تكون دلالته على المعنى الذي جوزوا حمل النص عليه بزعمهم أنها تجرى على ظاهرها، ومع ذلك يجوز أن يكون المراد أمراً آخر، فجوزا أحد الاعتبارين، وعليه فإنه على فرض القول بالجواز فإن ذلك يعني إن "لا تكون دلالته على ذلك المعنى دلالة على خلاف الظاهر فلا يكون تأويلا".

أي أن ما لا يفهم منه شيء فالمفروض أنه لا ظاهر له أصلا لأنه لا معنى له، والظاهر والمؤول إنما هما فرعان عن المعنى، فإن لم يكن له ظاهر كان المعنى الذي نثبته غير مخالف للظاهر فينبغي ألا يكون للظاهر تأويلًا عنده لأنه لا يخالف ظاهرًا أثبته.

الأمر الثالث: على فرض المنع فإنه "ولا يجوز نفي دلالته على معان لا نعرفها على هذا التقدير، فإنَّ تلك المعاني التي دلت عليها قد لا نكون عارفين بها". فهو إنما نفى العلم بها ولم ينفي وجودها ومعرفة غيره بها.


(١) انظر كتاب درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية الجزء الأول صفحة (٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>