للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: جاء بعد الأشعري من الأشاعرة من يجوز الجمع بين السلبين، وصاروا يقولون: ليست الصفة هي الموصوف ولا غيره، كما صاروا يجوزون إطلاق القول بإثبات قديمين، وصار هؤلاء يردُّون على المعتزلة الذين قالوا لهم: يلزم من ذلك إثبات قديمين بعدة ردود منها أن كونهما قديمين لا يوجب تماثلهما، كالسواد والبياض اشتراكا في كونهما مخالفين للجوهر، ومع هذا لا يجب تماثلهما، وأنَّه ليس معنى القديم معنى الإله … ولأنَّ النَّبيَّ محدث، وصفاته محدثة، وليس إذا كان الموصوف نبيًّا وجب أن يكون صفاته أنبياء؛ لكونها محدثة، كذلك لا يجب إذا كانت الصفات قديمة والموصوف بها قديماً أن تكون آلهة لكونها قديمة" (١).

وهذا قول الباقلاني (٢)، والقاضي أبي يعلى (٣).

القول الرابع: أن هذا الكلام فيه إجمال، وأن لفظ "الغير" فيه إجمال، ومن ثَمَّ فلابد من التفصيل، وهؤلاء لا يقولون عن الصفة: إنها الموصوف، ولا يقولون: إنها غيره، ولا يقولون: ليست هي الموصوف ولا غيره. ويلاحظ أن المقصود ليس إثبات قول ثالث-كما هو قول الباقلاني والقاضي أبي يعلى الذين قالوا ليست الصفة هي الموصوف ولا غيره-فإن هذا قول ثالث، بل المقصود أنه لا ينبغي الإطلاق: نفياً وإثباتاً، وهم تركوا إطلاق اللفظين لما في ذلك من الإجمال.

وهذا قول جمهور أهل السنَّة، كالإمام أحمد وغيره، كما أنَّه قول ابن كلاب. (٤)


(١) ((درء التعارض)) (٥/ ٥٠)، وقارن بـ ((التدمرية)) (ص: ١١٨) - المحققة.
(٢) انظر ((التمهيد)) (ص: ٢٠٦ - ٢٠٧، ٢١٠ - ٢١٢))، و ((رسالة الحرة)) (المطبوعة باسم الإنصاف) (ص: ٣٨).
(٣) انظر: ((المعتمد)) (ص: ٤٦).
(٤) انظر: ((جواب أهل العلم والإيمان)) (١٧/ ١٥٩ - ١٦٠)، و ((درء التعارض)) (٢/ ٢٧٠، ٥/ ٤٩)، وانظر: ((مقالات الأشعري)) (ص: ١٦٩ - ١٧٠) - ريتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>