للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، وغيرهم، مما يبين أن المحذور إنما هو في إضافة شيء من خصائص صفة المخلوق إلى صفة الخالق، إذ هذا ما يفه من قولهم عن المشبهة: (يد الله كيدي)، كما يبين أن مفهوم التشبيه عندهم لا يتحقق بمجرد إضافة الصفة الله، بل غالب أقوالهم في نفي التشبيه تتضمن الدلالة على أن إثبات الصفة الله لا يعتبر تشبيها.

وبهذا يتبين أن المحذور: إثبات شيء من خصائص أحدهما للآخر، وقولنا: إثبات الخصائص إنما يراد: إثبات مثل تلك الخاصة، وإلا فإثبات عينها ممتنع مطلقا (١)، وسيأتي البيان بأن التمثيل منفي بين الخالق والمخلوق جملة وتفصيلا، سواء كان تمثيلا من كل وجه، أو تمثيلا من وجه دون وجه، لأن لفظ التمثيل قائم على اشتراك المتماثلين في الحقيقة والكيفية.

وأما لفظ التشبيه فيشار فيه إلى ما يلي:

أولا: أن لفظ (التشبيه) لم يرد نفيه وذمه في الكتاب والسنة، وإنما الوارد نفي التمثيل.

ثانيا: أن لفظ (التشابه) ليس مطابقًا في المعنى للفظ (التماثل) الذي ورد نفيه.

قال أبو هلال العسكري في فروقه اللغوية: "إن الشيء يشبه بالشيء من وجه واحد لا يكون مثله في الحقيقة إلا إذا أشبهه من جميع الوجوه لذاته" (٢).

ويقال في اللغة: إن هذا يشبه هذا، وفيه شبه من هذا: إذا أشبهه من بعض الوجوه، وإن كان مخالفة له في الحقيقة (٣)، فالتشبيه في اللغة .. قد يقال بدون التماثل في شيء من


(١) منهاج السنة النبوية (٢/ ٥٩٦).
(٢) الفروق للعسكري (١٧٦)، وانظر: نقد الشعر لقدامة بن جعفر (١٢٤)، سر الفصاحة للخفاجي (٢٤٦).
(٣) انظر: الجواب الصحيح (٣/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>