للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة، كما يقال للصورة المرسومة في الحائط: إنها تشبه الحيوان، ويقال: هذا يشبه هذا في كذا وكذا، وإن كانت الحقيقتان مختلفتين» (١).

ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد قال في كتابه عن نعيم أهل الجنة: (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها) [البقرة: ٢٠].

قال قتادة وعكرمة (٢): "يشبه ثمر الدنيا، غير أن ثمر الجنة أطيب" (٣)، وهذا أحد التفسيرين في الآية، فقد وصفت الآية ثمر الجنة بمشابهته لثمر الدنيا، وهي مشابهة واشتراك من بعض الوجوه، مع القطع بنفي المماثلة بينهما، بل بينهما تباين عظيم في الكيفية والحقيقة، فالمشابهة ها هنا ثابتة، والمماثلة منفية، مما يدل على ثبوت الفرق بين المشابهة والمماثلة (٤).

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أقوال الناس في لفظي (التشبيه) و (التمثيل)، وهل هما بمعنى واحد، فقال:

وقد تنازع الناس: هل لفظ (الشبه) و (المثل) بمعنى واحد أو معنيين، على قولين:

أحدهما: أنهما بمعنى واحد، وأن ما دل عليه لفظ (المثل) مطلقا ومقيداً يدل عليه لفظ (الشبه)، وهذا قول طائفة من النظار.


(١) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٧٧).
(٢) عكرمة بن عبد الله، أبو عبد الله البربري، المدني، الحبر، العالم، المفسر، الثقة، مولي ابن عباس، روى عن مولاه، وعائشة، وأبي هريرة، مات سنة (١٠٤ هـ). ينظر: طبقات المفسرين للداوودي (١/ ٢٨٦)، وطبقات المفسرين للأدنه وي (١٢).
(٣) تفسير الطبري (١/ ٣٩١)، تفسير ابن كثير (١/ ٢٠٥).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٥/ ٣٤٧) (٦/ ١١٣) (١٣/ ٢٧٩)، درء تعارض العقل والنقل (٦/ ١٢٣ - ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>