للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفصيل لا تعلم إلا من جهة الرسول عليه الصلاة والسلام، إما بخبره وإما بخبره وتنبيهه ودلالته على الأدلة العقلية، ولهذا يقولون لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١) (٢).

وقال -رحمه الله-: ((ومعلوم أن الوصف بالنفي كالوصف بالإثبات)) (٣). أي يحتاج فيهما إلى دليل من الكتاب والسنة.

وقال أيضاً: ((فالأصل في هذا الباب (٤)، أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله: نفياً وإثباتاً، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وينفى عنه ما نفاه عن نفسه)) (٥).

قال ابن عقيل-رحمه الله- في الكفاية (٦): ((فصل عجيب يخفى على كثير من الأصوليين: وذلك أنه لا يجوز الإغراق في الإثبات مجاوزة لما أثبته الشرع ودلَّ عليه، كذلك لا يجوز الإغراق في النفي ولا الإقدام على نفي شيء عن الله إلا بدليل؛ لأن النفي أيضا لا يؤمن معه إزالة ما وجب له سبحانه، فالنفي يحتاج إلى دليل كما أن الإثبات يحتاج إلى دليل، كما أن إثبات ما لا يجب له كفر، فنفي ما جُوِّزَ عليه خطأ وفسق، ومثال ذلك: أن يغرق هؤلاء الخطباء والقصاص في نفي النقائص، ثم يدرجون فيها ما وردت به السنن ويقولون ليس بفوق ولا تحت ولا يدرك ولا يعلم


(١) الآية [١٨٠ - ١٨٢] من سورة الصافات.
(٢) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٢٤٨).
(٣) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٤٤).
(٤) وهو باب توحيد الأسماء والصفات.
(٥) التدمرية ص (٦ - ٧).
(٦) "كفاية المفتي" في عشر مجلدات، ويسمى أيضاً: "الفصول"، معظمه مفقود، وتوجد منه قطعتان مخطوطتان، إحداهما: بدار الكتب المصرية، والأخرى بالمكتبة الظاهرية بدمشق، انظر: مقدمة تحقيق كتاب "الواضح في أصول الفقه" (١/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>