كما هو معروف أن الاستنباط في أصله مادة قليلة، فالخلاف فيها لا يظهر كثيراً، فإذا أضيف إلى ذلك منهج السعدي في ذكره الاستنباطات مختصرة، وكونه كذلك لا يذكر الخلاف فيها، ولا من قالها غالباً، فمن هنا نستطيع القول بأن السعدي لم يكن له موقف ناقد لاستنباطات من سبقه إلا في بعض المواطن القليلة إذا ما قورنت بكثرة الاستنباط عند السعدي، ومع ذلك فإن له موقف ناقد من بعض الاستنباطات، وله موقف مستأنس باستنباطات غيره من المفسرين، وإليك بعض الأمثلة التي توضح ذلك، فمن المواقف الناقدة:
قول السعدي - رحمه الله -: (قوله تعالى: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}[البقرة: ١٧٨]، أخذ بمفهومها بعض أهل العلم فلم يجز قتل الرجل بالمرأة، وتقدم وجه ذلك.) ا. هـ (١)
وقول السعدي - رحمه الله -: (احتجاج الفقهاء على أنه لا يجب على الزوج أن يطأ زوجته إلا في كل ثلث سنة مرة بقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}[البقرة: ٢٢٦]، فيه نظر، وإنما فيها الدلالة على أن للمولي خاصة هذه المدة لأجل إيلائه، وأما غير المولي فمفهومها يدل