للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية حكمة التيه مدة أربعين سنة، وأن ذلك لأجل أن يموت الجيل الأول، وينشأ جيل آخر تربى على قهر الأعداء والاستعلاء على العقبات، وقد حصل ذلك فعلاً، فإن القوم قد ماتوا في أرض التيه، وقام بالواجب أبناؤهم على يد يوشع بن نون فهو الذي افتتحها (١).

قال ابن خلدون: (ويظهر من مساق الآية ومفهومها أن حكمة ذلك التيه مقصودة وهي فناء الجيل الذين خرجوا من قبضة الذل والقهر والقوة، وتخلقوا به وأفسدوا من عصبيتهم حتى نشأ في ذلك التيه جيل آخر عزيز لا يعرف الأحكام والقهر ولا يسام بالمذلة، فنشأت

لهم ذلك عصبية أخرى اقتدروا بها علي المطالبة والتغلب، ويظهر لك من ذلك أن الأربعين سنة أقل ما يأتي فيها فناء جيل ونشأة جيل آخر، سبحان الحكيم العليم) (٢)، وممن قال بذلك من المفسرين: محمد رشيد رضا، والدوسري، والهرري (٣).

توبة المحارب بعد القدرة عليه لا تسقط عنه الحد.

قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)} (المائدة: ٣٤).

١٩٥ - قال السعدي - رحمه الله -: (ودل مفهوم الآية على أن توبة


(١) انظر: صفوة الآثار والمفاهيم (٨/ ٣٧١).
(٢) انظر: مقدمة ابن خلدون الفصل التاسع عشر (١٣٤).
(٣) انظر: تفسير المنار (٦/ ٢٩٣)، وصفوة الآثار والمفاهيم (٨/ ٣٧٠)، وتفسير حدائق الروح والريحان (٧/ ٢١١).

<<  <   >  >>