للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ممن مهر فيه، ووجه استنباط ذلك من الآية أن موسى كان نبياً عالماً، ولكن العلم الذي كان عند الخضر من العلوم التي لم يكن موسى عالماً بها، فذهب إلى الخضر الذي كان عالماً بهذه العلوم ليتعلمها منه.

قال الشوكاني: (وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى علم الأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها، وكان علم الخضر علم بعض الغيب ومعرفة البواطن) (١).

وهذا فيه إشارة إلى أهمية التكامل في العلم والتعليم؛ إذ لا يمكن للشخص مهما كانت قدراته أن يكون عالماً بكل شيء، فحينها يحتاج إلى أن يتعلم بعض العلوم من غيره، وقد يكون هذا الغير دونه في المرتبة والفضل، والتعلم من المفضول أولى من الجهل.

جواز ركوب البحر.

قال تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١)} (الكهف: ٧١).

٣١٣ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي فوائد قصة موسى مع الخضر-: جواز ركوب البحر (٢)،

في غير الحالة التي


(١) انظر: فتح القدير (٣/ ٣٧٠).
(٢) روي عن عمر ابن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما المنع من ركوبه.
والقرآن والسنة يردان هذا القول، ولو كان ركوبه يكره أو لا يجوز لنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم الذين قالوا له: إنا نركب البحر، وقد تؤول ما روي عن العمرين في ذلك بأن ذلك محمول على الاحتياط وترك التغرير بالمهج في طلب الدنيا والاستكثار منها، وأما في أداء الفرائض فلا.

ومما يدل على جواز ركوبه من جهة المعنى أن الله تعالى ضرب البحر وسط الأرض وجعل الخلق في العدوتين، وقسم المنافع بين الجهتين فلا يوصل إلى جلبها إلا بشق البحر لها، فسهل الله سبيله بالفلك، قاله ابن العربي.
ولا خلاف بين أهل العلم إن البحر إذا أرتج لم يجز ركوبه لأحد بوجه من الوجوه في حين ارتجاجه ولا في الزمن الذي الأغلب فيه عدم السلامة، وإنما يجوز عندهم ركوبه في زمن تكون السلامة فيه الأغلب، فإن الذين يركبونه حال السلامة وينجون لا حاصر لهم، والذين يهلكون فيه محصورون. انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ١٩١ - ١٩٢)

<<  <   >  >>