للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك لبيان أن الحج مفروض في أشهر مخصوصة لا يجوز نقله عنها كما كانت العرب تفعل ذلك، قال القرطبي: (أفرد سبحانه الحج بالذكر لأنه مما يحتاج فيه إلى معرفة الوقت، وأنه لا يجوز النسئ فيه عن وقته، بخلاف مارأته العرب؛ فإنها كانت تحج بالعدد وتبدل الشهور؛ فأبطل الله قولهم وفعلهم) (١)

وأما القول بأن وجه ذلك أن مواقيت الحج لا تعرف إلا بالأهلة فهو وجه ضعيف؛ والسبب هو أن هناك من العبادات غيره لا تعرف إلا بالأهلة كذلك فلا يظهر حينئذ فائدة تخصيص الحج، قال الرازي: (واعلم أنا بينا أن الأهلة مواقيت لكثير من العبادات فإفراد الحج بالذكر لا بد فيه من فائدة ولا يمكن أن يقال تلك الفائدة هي أن مواقيت الحج لا تعرف إلا بالأهلة،. . . وذلك لأن وقت الصوم لا يعرف إلا بالأهلة) (٢)

يحصل المقصود بسلوك أقرب طريق وأسهله والمثابرة على ذلك.

قال تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ((١٨٩)} (البقرة: ١٨٩).

٤٣ - قال السعدي - رحمه الله -: (قال تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ((١٨٩)} ويستفاد من إشارة الآية أنه ينبغي في كل أمر من الأمور، أن يأتيه الإنسان من الطريق السهل القريب، الذي قد جعل له موصلا فالآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، ينبغي أن ينظر في حالة المأمور، ويستعمل معه


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٤١)، وجواهر الأفكار (٥٢٨).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٥/ ١٠٦).

<<  <   >  >>