للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التأدب مع المعلم في الخطاب.

قال تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦)} (الكهف: ٦٦).

٣١٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي فوائد قصة موسى مع الخضر-: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦)} فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جداً، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية استنباطاً سلوكياً، وهو التأدب مع المعلم في الخطاب، ووجه استنباط ذلك من الآية أن موسى لما خاطب الخضر خاطبه بألين خطاب، بأن أظهر له حاجته إليه في العلم، واستأذنه في الاتباع، مظهراً فضل المعلم وحاجته إليه.

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال البيضاوي: (وقد راعى في ذلك غاية التواضع والأدب، فاستجهل نفسه واستأذن أن يكون تابعاً له، وسأل منه أن يرشده وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه) (٢)، وقال الرازي: (اعلم أن هذه الآيات تدل على أن موسى عليه السلام راعى أنواعاً كثيرة من الأدب واللطف عندما أراد أن يتعلم


(١) انظر: تفسير السعدي (٤٨٤).
(٢) انظر: أنوار التنزيل (٢/ ٣٤٨).

<<  <   >  >>