قد يصلح الشخص للإفتاء في أمر، ولا يصلح استفتاؤه في أمر آخر.
قال تعالى: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)} (الكهف: ٢٢).
٣٠٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (ففيها-أي قصة أصحاب الكهف-: دليل على المنع من استفتاء من لا يصلح للفتوى، إما لقصوره في الأمر المستفتى فيه، أو لكونه لا يبالي بما تكلم به، وليس عنده ورع يحجزه، وإذا نهي عن استفتاء هذا الجنس، فنهيه هو عن الفتوى، من باب أولى وأحرى.
وفي الآية أيضا، دليل على أن الشخص، قد يكون منهياً عن استفتائه في شيء، دون آخر، فيستفتى فيما هو أهل له، بخلاف غيره، لأن الله لم ينه عن استفتائهم مطلقاً، إنما نهى عن استفتائهم في قصة أصحاب الكهف، وما أشبهها). ا. هـ (١)
الدراسة:
استنبط السعدي من هذه الآية أصلاً من أصول الإفتاء والاستفتاء، وهو المنع من استفتاء من لا يصلح للإفتاء، كما أن الشخص قد يصلح للإفتاء في شيء ولا يصلح للإفتاء في شيء آخر، فيستفتى فيما هو أهل له فقط، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله نهى عن الاستفتاء بقيد وهو الاستفتاء عن عدد الفتية، مما يدل على أن استفتاءهم فيما دون ذلك مما هو من شأنهم لا بأس به.
وهذا الاستنباط فيه تأصيل قرآني للتخصص في الإفتاء، حيث إن بعض التخصصات لا يمكن لبعض المفتين أن يفتي فيها لعدم علمه ببعض
(١) انظر: تفسير السعدي (٤٧٤)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٨٨).