للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عاشور: (وأما إشارة النبي عليه الصلاة والسلام على زيد بإمساك زوجه مع علمه بأنها ستصير زوجة له فهو أداء لواجب أمانة الاستنصاح والاستشارة، إذ لا يخفى أن الاستشارة طلب النظر فيما هو صلاح للمستشير لا ما هو صلاح للمستشار، ومن حق المستشار إعلام المستشير بما هو صلاح له في نظر المشير، وإن كان صلاح المشير في خلافه) (١).

وهذا الاستنباط فيه تأصيل قرآني لمعنى كبير من معاني الاستشارة، وأن المستشار مؤتمن يجب أن يؤدي النصح ولو كان خلافاً لهوى نفسه.

الطلاق لا يكون إلا بعد نكاح.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ (٤٩)} (الأحزاب: ٤٩).

٣٧٨ - قال السعدي - رحمه الله -: (ويستدل بهذه الآية، على أن الطلاق، لا يكون إلا بعد النكاح (٢)، فلو طلقها قبل أن ينكحها، أو علق


(١) انظر: التحرير والتنوير (٢٢/ ٣٧).
(٢) وهذه المسألة من الخلافيات الشهيرة، وللعلماء فيها مذاهب: الوقوع مطلقاً، وعدم الوقوع مطلقاً، والتفصيل بين ما إذا عين أو عمم، ومنهم من توقف، فقال بعدم الوقوع الجمهور وهو قول الشافعي وابن مهدي وأحمد وإسحاق وداود وأتباعهم وجمهور أصحاب الحديث، وقال بالوقوع مطلقاً أبو حنيفة وأصحابه، وقال بالتفصيل ربيعة والثوري والليث والأوزاعي وابن أبي ليلى ومن قبلهم ممن تقدم ذكره وهو ابن مسعود وأتباعه ومالك في المشهور عنه، وعنه عدم الوقوع مطلقا ولو عين، وعن ابن القاسم مثله، وعنه أنه توقف، كذا عن الثوري وأبي عبيد،. . . وقال البيهقي بعد أن أخرج كثيراً من الأخبار، ثم من الآثار الواردة في عدم الوقوع: هذه الآثار تدل على أن معظم الصحابة والتابعين فهموا من الأخبار أن الطلاق أو العتاق الذي علق قبل النكاح والملك لا يعمل بعد وقوعهما، وأن تأويل المخالف في حمله عدم الوقوع على ما إذا وقع قبل الملك، والوقوع فيما إذا وقع بعده، ليس بشيء. انظر: فتح الباري لابن حجر: (٩/ ٢٩٨ - ٢٩٩)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٦/ ٢٨٢٨).

<<  <   >  >>