للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال الجصاص: (دليل على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم؛ لأن أبا بكر الصديق دعاهم إلى قتال بني حنيفة ودعاهم عمر إلى قتال فارس والروم، وقد ألزمهم الله إتباع طاعة من يدعوهم إليه بقوله: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٦)} فأوعدهم الله على التخلف عمن دعاهم إلى قتال هؤلاء، فدل على صحة إمامتهما، إذ كان المتولي عن طاعتهما مستحقاً للعقاب) (١)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: القصاب، وابن العربي، وإلكيا الهراسي، وابن الفرس، والرازي، والقرطبي، والطوفي. (٢)

درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

قال تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٢٥)} (الفتح: ٢٥).

٣٩٨ - قال السعدي - رحمه الله -: (قوله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} (٣) إلى قوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٥٢٣).
(٢) انظر: نكت القرآن (٤/ ١٦٠)، وأحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٢٣)، وأحكام القرآن للهراسي (٤/ ١٨٣)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٣: /٤٨٤)، والجامع لأحكام القرآن (١٦/ ٢٣١)، وحجج القرآن (٦٦)، والإشارات الإلهية (٣/ ٢٥٨).
(٣) ذكر بعض المفسرين استنباطات أخرى من الآية منها: مراعاة الكافر في حرمة المؤمن؛ إذ لا يمكن أذية الكافر إلا بأذية المؤمن، ومنها عدم جواز حرق سفينة الكفار إذا كان فيها أسارى مسلمين. انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٦/ ٢٤٣)، وأحكام القرآن للهراسي (٤/ ١٨٤).

<<  <   >  >>