للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهرها أحد) (١)، والسياق هنا سياق نفي، "أحد"نكرة في سياق نفي، والنكرة في سياق النفي تعم، فهي تعم كل أحد، وهذا العموم يشمل الخضر.

وأما ما قاله المثبتون لحياة الخضر من أن عموم الآيات والأحاديث الدالة على موته، لا يشملها العموم، فالجواب عنه: إن العلماء مجمعون على وجوب استصحاب عموم العام حتى يرد دليل مخصص صالح للتخصيص سنداً ومتناً، فالدعوى المجردة عن دليل من كتاب أو سنة لا يجوز أن يُخصص بها نص من كتاب أو سنة إجماعاً (٢)، وهذا هو الحال في النصوص المثبتة لوفاة الخضر نصوص عامة، لا بد من أدلة صحيحة تصلح لتخصيص هذا العموم وإخراج الخضر منه. والله أعلم.

كل ممقوت عند الله لا يطلق عليه ألفاظ التعظيم.

قال تعالى: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨)} (الأنبياء: ٥٨).

٣٢٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (قوله تعالى: {إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ} أي إلا صنمهم الكبير، فإنه تركه لمقصد سيبينه، وتأمل هذا الاحتراز العجيب، فإن كل ممقوت عند الله، لا يطلق عليه ألفاظ التعظيم، إلا على وجه إضافته لأصحابه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كتب إلى ملوك


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب السمر في العلم، ح (١١٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (على رأس مائة سنة)، ح (٢٥٣٧).
(٢) انظر: أضواء البيان (٤/ ١٧٢).

<<  <   >  >>