للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المطلب الرابع: مذهبه الفقهي.]

كان في بداية حياته العلمية على المذهب الحنبلي، شأنه شأن أي عالم ينشأ في بيئة متمذهبة، فقد نشأ السعدي وتتلمذ على أيدي مشايخه، وكان جلهم حنابلة، فكانت هذه بدايته، فلما اشتد ساعده ونضج علمه، وكثر اطلاعه، أصبح يبحث عن الدليل، خالعاً من رقبته قيد التقليد، متأثراً باختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، فالسعدي: (ما أن تقدمت به الدراسة شوطاً حتى تفتحت أمامه آفاق العلم، فخرج عن المألوف في بلده من الاهتمام بالفقه الحنبلي فقط، إلى الاطلاع على كتب التفسير والحديث والتوحيد، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم هي التي فتقت ذهنه ووسعت مداركه، فخرج من طور التقليد إلى طور الاجتهاد) (١).

وعلى هذا يمكن القول بأن السعدي كان زمن الطلب متمذهباً بالمذهب الحنبلي، حيث لم تكن لديه القدرة العلمية ولا الجسارة النفسية لمخالفة مشايخه على ما اعتادوا عليه من التمسك بالمذهب، ولكن لما قوي علمه، ورسخ فهمه، أخذ يقول بقول ابن تيمية وابن القيم والتي كانت تخالف المذهب الحنبلي، وهذا لما تجاوز الشيخ سن الرابعة والأربعين أي عام ١٣٥٢ هـ، حيث انتهى إليه التدريس والإفتاء (٢)، ويوضح هذا ويؤيده مؤلفات الشيخ الفقهية التي كانت قبل هذا السن كانت على المذهب الحنبلي مثل منظومته في الفقه، أما المؤلفات التي بعد هذا السن فإنها مبنية على الدليل والترجيح مما قد يخالف المذهب الحنبلي، وذلك مثل: المختارات الجلية، والإرشاد إلى معرفة الأحكام، ومنهج السالكين (٣).


(١) انظر: علماء نجد خلال ثمانية قرون (٣/ ٢٢٠)، وسيرة العلامة السعدي للفقي (١١).
(٢) انظر: وروضة الناظرين عن مآثر علماء نجد (١/ ٢٢٣).
(٣) انظر: الفكر التربوي عند السعدي، د. عبدالعزيز الرشودي (١٠٨).

<<  <   >  >>