للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جواز استعمال المعاريض القولية أو الفعلية المانعة من الكذب.

قال تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)} (يوسف: ٧٩).

٢٨٥ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي من الفوائد المستنبطة من قصة يوسف-: أنه ينبغي لمن أراد أن يوهم غيره، بأمر لا يحب أن يطلع عليه، أن يستعمل المعاريض (١) القولية والفعلية المانعة له من الكذب، كما فعل يوسف حيث ألقى الصُّواع في رحل أخيه، ثم استخرجها منه، موهماً أنه سارق، وليس فيه إلا القرينة الموهمة لإخوته، وقال بعد ذلك: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} ولم يقل "من سرق متاعنا" وكذلك لم يقل "إنا وجدنا متاعنا عنده" بل أتى بكلام عام يصلح له ولغيره، وليس في ذلك محذور، وإنما فيه إيهام أنه سارق ليحصل المقصود الحاضر، وأنه يبقى عند أخيه وقد زال عن الأخ هذا الإيهام بعد ما تبينت الحال). ا. هـ (٢)


(١) المعاريض: هي أن يتكلم الرجل بكلام جائز يقصد به معنى صحيحاً ويتوهم غيره أنه قصد به معنى آخر ويكون سبب ذلك التوهم كون اللفظ متشركاً بين حقيقتين لغويتين أوعرفيتين أو شرعيتين أو لغوية مع أحدهما أو عرفية مع شرعية فيعني أحد معنييه ويتوهم السامع أنه إنما عنى الآخر لكون دلالة الحال تقتضيه أو لكونه لم يعرف إلا ذلك المعنى أو يكون سبب التوهم كون اللفظ ظاهرا فيه معنى فيعني به معنى يحتمله باطنا فيه بأن ينوي مجاز اللفظ دون حقيقته أو ينوي بالعام الخاص أو بالمطلق المقيد أو يكون سبب التوهم كون المخاطب إنما يفهم من اللفظ غير حقيقته بعرف خاص له أوغفلة منه أوجهل منه أوغير ذلك من الأسباب مع كون المتكلم إنما قصد حقيقته فهذا إذا كان المقصود به دفع ضرر غير مستحق جائز. انظر: الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ١٢٠).
(٢) انظر: تفسير السعدي (٤١١)، وفوائد مستنبطة من قصة يوسف للسعدي (١٢٨)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٨٤).

<<  <   >  >>