للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأتي من المأمور بما يستطيع ويسقط عنه ما عجز عنه.

قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (١٦)} (التغابن: ١٦).

٤٣٧ - قال السعدي - رحمه الله -: (فهذه الآية، تدل على أن أنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه، فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه (١)، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٢)). ا. هـ (٣)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية قاعدة فقهية، وهي أن من عجز عن المأمور أتى منه بما يستطيع ويسقط عنه الباقي، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله أمر بالتقوى، ثم بين أن المطلوب من التقوى هو قدر المستطاع.

وهذه القاعدة تبين لنا يسر الإسلام وسهولته، وكذلك الدقة والنظام فيه، فسقوط بعض الواجب لا يعني سقوط الواجب بالكلية، كما أن هذه القاعدة تؤصل لنا البدائل التي يجب علينا الاستعداد بها عند العجز عن القيام بالأمر على وجهه المطلوب تماماً.


(١) المأمورات مبناها على القدرة والاستطاعة، فمن قدر على فعل بعض المأمور به وعجز عن فعل باقيه وجب عليه فعل ما قدر عليه، ولا يجوز ترك الكل بدعوى عدم القدرة على البعض، بل يجب على المكلف فعل ما يقدر عليه، ومن أمثلة ذلك: من لم يقدر على القيام في الصلاة وقدر على القعود؛ فإنه يجب عليه القعود ويسقط عنه القيام، ولكن سقوط القيام لا يسقط عنه الواجب بالكلية. انظر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٨/ ٩٥٤).
(٢) المراد به حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح (٧٢٨٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، ح (١٣٣٧).
(٣) انظر: تفسير السعدي (٨٦٨).

<<  <   >  >>