للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بما رواه معاوية بن الحكم قال: (كانت لي جارية فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت علي رقبة فأعتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ فقالت في السماء فقال: من أنا؟ فقالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة) (١)، قال ابن قدامة: (فعلل جواز إعتاقها عن الرقبة التي عليه بأنها مؤمنة فدل على أنه لا يجزئ عن الرقبة التي عليه إلا مؤمنة) (٢) كما أن الإعتاق إنعام، فتقييده بالإيمان يقتضي صرف هذا الإنعام إلى أولياء الله وحرمان أعداء الله، وعدم التقييد بالإيمان قد يفضي إلى حرمان أولياء الله، فوجب أن يتقيد بالإيمان تحصيلاً لهذه المصلحة (٣). والله أعلم.

إيقاع الظاهر مكان المضمر في الآية دليل على فضيلة الإيمان والعلم.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٍ (١١)} (المجادلة: ١١).

٤٢٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومن فوائد إيقاع الظاهر موقع المضمر (٤) في هذه الآية حيث قال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، ح (٥٣٧).
(٢) انظر: المغني لابن قدامة (١١/ ٨٢).
(٣) انظر: التفسير الكبير (٢٩/ ٢٢٦).
(٤) اعلم أن الأصل في الأسماء أن تكون ظاهرة وأصل المحدث عنه كذلك، والأصل أنه إذا ذكر ثانيا أن يذكر مضمراً للاستغناء عنه بالظاهر السابق، وللخروج على خلاف الأصل أسباب: أحدها قصد التعظيم، الثاني قصد الإهانة والتحقير، الثالث الاستلذاذ بذكره، الرابع زيادة التقدير، الخامس إزالة اللبس حيث يكون الضمير يوهم أنه غير المراد، السادس أن يكون القصد تربية المهابة وإدخال الروعة في ضمير السامع، السابع قصد تقوية داعية المأمور، الثامن تعظيم الأمر، التاسع أن يقصد التوصل بالظاهر إلى الوصف، العاشر التنبيه على علة الحكم، الحادي عشر قصد العموم، الثاني عشر قصد الخصوص، الثالث عشر مراعاة التجنيس، الرابع عشر أن يتحمل ضميراً لا بد منه، الخامس عشر كونه أهم من الضمير، السادس عشر كون ما يصلح للعود ولم يسق الكلام له، السابع عشر الإشارة إلى عدم دخول الجملة في حكم الأولى. انظر: البرهان في علوم القرآن (٢/ ٤٩٨)، والإتقان في علوم القرآن (٥/ ١٦٧٣).

<<  <   >  >>