الصيد، مذكراً هؤلاء على وجه الامتنان أن هذه العلوم في أصلها مما علمه الله لهم، وأخذ السعدي من هذا المعنى فجعله معنى عاماً.
وهذا الاستنباط فيه تنبيه لما قد يظنه بعض الناس من صميم اكتشافات البشر وقد يغفل عن أن أصل هذا العلوم منّة من الله جل شأنه تفضل بها على العباد.
فما نراه اليوم من تعدد هذه الاكتشافات العلمية التي نفعت الناس في دينهم ودنياهم، إنما هي من الله عز وجل مما يجعل الإنسان يستشعر هذه النعمة ومن ثَم يشكر الله عليها.
١٧١ - قال السعدي - رحمه الله -: (وفيها-أي الآية-: أن تعليمها يكون بحسب العرف والعادة (١)، لأن الله أطلق التعليم ولم يقيده إلا
(١) قال الشافعي رحمه الله: والكلب لا يصير معلماً إلاّ عند أمور، وهي إذا أرسل استرسل، وإذا أخذ حبس ولا يأكل، وإذا دعاه أجابه، وإذا أراده لم يفر منه، فإذا فعل ذلك مرات فهو معلم، ولم يذكر رحمه الله فيه حداً معيناً، بل قال: أنه متى غلب على الظن أنه تعلم حكم به قال لأن الاسم إذا لم يكن معلوماً من النص أو الإجماع وجب الرجوع فيه إلى العرف، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله في أظهر الروايات، وقال الحسن البصري رحمه الله: يصير معلماً بمرة واحدة، وعن أبي حنيفة رحمه الله في رواية أخرى أنه يصير معلماً بتكرير ذلك مرتين، وهو قول أحمد رحمه الله، وعن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: أنه يصير معلماً بثلاث مرات. انظر: التفسير الكبير (١١/ ١١٣)، والبحر المحيط (٢/ ٤٤٥)، والتحرير والتنوير (٦/ ١١٦).