للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة الحث على اللين بعد النهي عن الخضوع بالقول، وأن مناسبة ذلك هو دفع توهم إرادة الإغلاظ في القول، فالمراد عدم الخضوع لا الإغلاظ القول.

وقد وافق بعض المفسرين السعدي على هذا الاستنباط، قال ابن القيم: (فنهاهن عن الخضوع بالقول، فربما ذهب الوهم إلى الإذن في الإغلاظ في القول والتجاوز، فرفع هذا الوهم

بقوله: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٣٢)}) (١)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الرازي (٢).

وقد ذكر ابن عاشور وجهاً آخر وهو أن الأمر بالخضوع قد يفهم منه الإسرار بالقول، فدفع هذا التوهم بالأمر بالأمر بالقول المعروف، قال ابن عاشور: (وعَطْفُ {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٣٢)} على {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} بمنزلة الاحتراس لئلا يحسبن أن الله كلفهن بخفض أصواتهن كحديث السرار) (٣).

والذي يظهر والله أعلم أن كلا الأمرين مقصود هنا، فالتعقيب بالقول المعروف لدفع توهم إرادة الإغلاظ، أو الإسرار، وتقرير حالة الوسط هنا وهو الكلام لكن بدون إغلاظ ولا إسرار. والله أعلم.

التعليم الفعلي أبلغ من التعليم القولي.

قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَشَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ


(١) انظر: بدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم (٣/ ٣٢٩).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٢٥/ ١٨٠).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٢٢/ ٩).

<<  <   >  >>