للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحق ولكن يقتل على الحق فصرح قوله: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} عن شنعة الذنب ووضوحه ولم يأت نبي قط بشيء يوجب قتله. . .) (١).

النهي عن قول كلمة راعنا مع جوازها فيه دليل على النهي عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)} (البقرة: ١٠٤).

١٨ - قال السعدي - رحمه الله -: (كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: {رَاعِنَا} أي: راع أحوالنا، فيقصدون بها معنى صحيحاً، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسداً (٢)، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة، سداً لهذا الباب، ففيه النهي عن الجائز، إذا كان وسيلة إلى محرم (٣)) ا. هـ (٤).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١/ ٤٧٠).
(٢) "راعنا": كلمة كانت اليهود تقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه الاستهزاء والسب، هذا قول ابن عباس وقتادة، وجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن معناها: اسمع لا سمعت. انظر: جامع البيان (١/ ٥١٨)، والنكت والعيون (١/ ١٦٩)، والجامع لأحكام القرآن (٢/ ٥٦).
(٣) وهو ما يسمى عند الفقهاء بسد الذرائع، والذرائع: جمع ذريعة، والذريعة: الوسيلة إلى الشئ. ومعنى هذه القاعدة: أن الفعل السالم من المفسدة - في ظاهره - إذا كان وسيلة إليها مُنع منه سداً لباب الفساد، فهو عمل مباح في أصله لكنه يكون وسيلة إلى محظور فيُمنع منه حتى لا يقع المحظور. انظر: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (٢/ ٢٧٩)، وموسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٦/ ٣٠).
(٤) انظر: تفسير السعدي (٦١).

<<  <   >  >>