للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضرورات تبيح المحظورات.

قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)} (البقرة: ١٧٣).

٢٩ - قال السعدي - رحمه الله -: (وفي هذه الآية دليل على القاعدة المشهورة: "الضرورات تبيح المحظورات (١) "فكل محظور، اضطر إليه الإنسان، فقد أباحه له، الملك الرحمن). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية قاعدة فقهية وهي أن الضرورات تبيح المحظورات، ووجه ذلك بالقياس فالمذكورات في الآية الأصل فيها أنها محرمة إلا أنها مع وجود الضرورة أبيحت فدل على أن كل محظور يباح عند الضرورة إليه.

قال الجصاص: (قال الله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}. . . فقد ذكر الله تعالى الضرورة. . .، وأطلق الإباحة. . . بوجود الضرورة من غير شرط ولا صفة فاقتضى ذلك وجود الإباحة بوجود الضرورة في كل حال وجدت الضرورة فيها) (٣)، كما قرر ذلك أيضاً بعض المفسرين منهم: العثيمين (٤).


(١) ومعنى هذه القاعدة أن الممنوع شرعاً يباح عند الحاجة الشديدة - وهي الضرورة- لكن بشرط أن لا تقل الضرورة عن المحظور، فإباحة المحظور إنما هو لمعالجة حالة صعبة لا يمكن تحملها، ولا يباح من المحظور الشرعي إلا المقدار الذي تندفع به حالة الضرورة فقط دون توسع في استباحة المحظور. انظر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٦/ ٢٦٣)، والدرر المرضية لجمعة صالح (٥٦).
(٢) انظر: تفسير السعدي (٨٢).
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٥٤).
(٤) انظر: تفسير القرآن الكريم للعثيمين (٢/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>