للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من حكمة الله التمييز بين الأمور حتى لا تختلط المتضادات.

قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِن اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)} (البقرة: ٢٤٩).

٧٢ - قال السعدي -رحمه الله-: (ومنها-أي من العبر في القصة-: أن من حكمة الله تعالى تمييز الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، والصابر من الجبان، وأنه لم يكن ليذر العباد على ما هم عليه من الاختلاط وعدم التمييز) ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية سنة من سنن الله إلا وهي التمييز بين الناس، وكشف كل على حقيقته، حتى لا تختلط الأمور ويتساوى المصلح مع المفسد، ووجه ذلك من الآية أن الله امتحن هؤلاء القوم ببعض الأمور التي كانت بمثابة مميزات تميز الصفوف عن بعضها، فالأول منها كان الابتلاء بالنهر، فتميزت عنده الفرقة الأولى ضعيفة الصبر والتي لو وجدت في الصف لأضعفته وخذلته.

أما المميز الثاني فكان بكثرة العدو وقوته، وهنا تميزت الفرقة ضعيفة اليقين بنصر الله حتى قيض لها الفرقة المؤمنة التي ثبتتها وقوت يقينها بالله، وحينئذ تميز الصف وأصبح نقياً لتلقي نصر الله تعالى.

وفائدة هذا المعنى أن النصر لا يكون بالصف المختلط المتناقض في رؤيته، وعلاقته بالله، بل لابد أن يكون الصف نقياً لتنزل نصر الله عليه.


(١) انظر: تفسير السعدي (١٠٩).

<<  <   >  >>