للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

آمنت فخص الله الكافرين بالذكر حتى يخرج هؤلاء الذين آمنوا، فأتى بهذا اللفظ الذي يفصل هؤلاء عن هؤلاء.

وذهب بعض المفسرين إلى أن مناسبة الإتيان بهذا اللفظ هو تعميم الحكم بالكفر على الجميع، قال أبوالسعود: ({فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} وهم المختلفون عبّر عنهم بالموصول إيذاناً بكفرهم جميعاً وإشعاراً بعلة الحُكم) (١)، وممن قال بذلك أيضاً: الألوسي، وابن عاشور (٢).

وما ذهب إليه السعدي هو الصحيح؛ إذ فيه معنى موافق للواقع فقد صدق بعض هؤلاء الأحزاب فناسب الإتيان بلفظ يميزهم عن غيرهم.

ولعل في هذا اللفظ أيضاً بيان الدقة في العدل والإنصاف وذكر أهل الفضل وإن كانوا قلة.

الذم إنما هو لمتبعي الشهوات دون متناوليها.

قال تعالى: {* فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} (مريم: ٥٩).

٣٢١ - قال السعدي - رحمه الله -: (قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩] عذاباً مضاعفاً شديداً - اتبعوا الشهوات بمعنى أرادوها وصارت هي همهم، وانقادوا لها وصاروا مطيعين لها، فلذلك قال: {وَاتَّبَعُوا} ولم يقل " تناولوا، وأكلوا " ونحوه لهذا المعنى، لأن هذا الذم إنما يتناول متبعي الشهوات، فمهما اشتهت نفوسهم فعلوه على أنه المقصود المتبوع، ومن


(١) انظر: إرشاد العقل السليم (٤/ ٢٤٠).
(٢) انظر: روح المعاني (٨/ ٤١١)، والتحرير والتنوير (١٦/ ١٠٦).

<<  <   >  >>