للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القرآن، وأن من هذه المعاني ما يكون بعد معنى اللفظ، ويظهر بطريقة اللازم، ظهر من ذلك إشارة من السعدي لمعنى الاستنباط، فقال السعدي في تقرير ذلك: (التنبيه اللطيف على كيفية تدبر كتابه، وأن لا يكون المتدبر مقتصرًا على مجرد معنى اللفظ بمفرده، بل ينبغي له أن يتدبر معنى اللفظ، فإذا فهمه فهمًا صحيحًا على وجهه، نظر بعقله إلى ذلك الأمر والطرق الموصلة إليه وما لا يتم إلا به وما يتوقف عليه، وجزم بأن الله أراده، كما يجزم أنه أراد المعنى الخاص، الدال عليه اللفظ، والذي يوجب له الجزم بأن الله أراده أمران:

أحدهما: معرفته وجزمه بأنه من توابع المعنى والمتوقف عليه.

والثاني: علمه بأن الله بكل شيء عليم، وأن الله أمر عباده بالتدبر والتفكر في كتابه.

وقد علم تعالى ما يلزم من تلك المعاني. وهو المخبر بأن كتابه هدى ونور وتبيان لكل شيء، وأنه أفصح الكلام وأجله إيضاحًا) (١).

- بيان أهمية الاستنباط، وكيفية الوصول إليه.

إن أفضل درجات العلم للعباد طريق الاستنباط، ألا ترى أن من يكون مستنبطاً من الأمة فهو على درجة ممن يكون حافظاً غير مستنبط (٢)، وقد مدح الله أهل الاستنباط في كتابه، وأخبر أنهم أهل العلم (٣)، وتبرز أهمية الاستنباط وآكديته عندما نعلم أن بعض الأحكام الشرعية طريق معرفتها هو الاستنباط، قال النووي: (وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣]. فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة، بأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة، فإذا أهمل الاستنباط، فات القضاء في


(١) انظر: تفسير السعدي (٧٣٢).
(٢) انظر: أصول السرخسي (٢/ ٩٤).
(٣) انظر: أعلام الموقعين (١/ ٢١٤).

<<  <   >  >>