١٦٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (١٣٠)} في هذه الآية فائدة عظيمة، وهي أن العبد عليه أن يعتمد على الله، ويرجو فضله وإحسانه، ويعمل ما أبيح له من الأسباب ; وأنه إذا انغلق عليه باب وسبب من الأسباب التي قدرها الله لرزقه فلا يتشوش لذلك ولا ييأس من فضل الله، ويعلم أن جميع الأسباب مستندة إلى مسببها، فيرجو الذي أغلق عليه هذا الباب أن يفتح له بابا من أبواب الرزق أوسع وأحسن من الباب الأول، وهذه العبودية من أفضل عبوديات القلب، وبها يحصل التوكل والكفاية والراحة والطمأنينة. فهذه المرأة المتصلة بزوج ينفق عليها ويقوم بمؤنتها فإذا حصل لها فرقة منه وتوهمت انقطاع النفقة والكفاية فلتلجأ إلى فضل الله ووعده بأنه سيغنيها وقال:{يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} ولم يقل " يغنيها " مع أن السياق يدل عليه لئلا يتوهم اختصاصها بهذا الوعد، وإنما الوعد لها وله، فالله أوسع وأكثر، ولكن هباته وعطاياه تبع لحكمته، ومن الحكمة أن من انقطع رجاؤه من المخلوقين، ومن كل سبب، واتصل أمله بربه ووثق بوعده ورجا بره فإن الله يغنيه ويقنيه ; والله الموفق لمن صلح باطنه وحسنت نيته فيما عند ربه) ا. هـ (١)