للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم أشار السعدي إلى استنباط آخر من الآية وهو الحث على ابتداء السلام، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله أمر بالرد مما يدل على مشروعية الابتداء والحث عليه، وكذلك أفعل التفضيل الدال على المشاركة بين من يبتدئ السلام وبين من يرده فالحث على الرد بأفضل يكون معه الحث كذلك على الابتداء.

خالف بعض المفسرين في ذلك وقالوا ليس في الآية ما يدل على حكم الابتداء، قال ابن عاشور: (ولا دلالة في الآية على حكم الابتداء بالسلام، فذلك ثابت بالسنّة (١) للترغيب فيه) (٢)، كما أشار إليه أبوحيان (٣).

وما ذهب إليه السعدي له وجه صحيح يمكن استنباطه من الآية كما ذكر ذلك، فيكون إضافة لما في السنة من الترغيب في ذلك، وهو وجه دقيق لا يخفى على المتأمل، ولا يوجد فيه ما يمكن أن يرد به، فتكون الإضافة هنا إضافة استدلال، أما المعنى المستنبط فالسنة واضحة في الحث على السلام كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المشار إليه آنفاً. والله أعلم.

عدم اتخاذ المنافقين أولياء يستلزم عدم محبتهم، وبغضهم.

قال تعالى: {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ (٨٩)} (النساء: ٨٩).


(١) أراد بذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم). أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان أنه لايدخل الجنة إلا المؤمنون، وأن محبة المؤمنين من الإيمان، وأن إفشاء السلام سبب لحصولها، ح (٥٤).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٥/ ١٤٧).
(٣) انظر: البحر المحيط (٣/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>