للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ارتكاب ما ارتكبتموه (١)، فأخذ من ذلك قاعدة عامة وهي أن العلاج النافع في كبح هوى النفس هو تذكيرها بما عند الله من المغانم الكثيرة التي تسقط أمامها جميع أطماع النفوس.

وهذه فائدة عظيمة قل من المفسرين من نبه عليها في هذا الموطن، وهي علاج نافع لهوى النفس الذي قد يورد صاحبه المهالك.

وجوب الهجرة.

قال تعالى: {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا (٩٧)} (النساء: ٩٧).

١٥٧ - قال السعدي - رحمه الله -: (وفي الآية دليل على أن الهجرة من أكبر الواجبات (٢) وتركها من المحرمات، بل من


(١) انظر: إرشاد العقل السليم (٢/ ١٨١).
(٢) وقد كتب ابن عاشور في حكم الهجرة كتابة لم أر من المفسرين من كتب مثلها، ولأنها تلامس واقعنا المعاصر مع النظر في أحكام الهجرة من كتب الأوائل رأيت إدراجها هنا لتكتمل الفائدة، فقال-رحمه الله-: (وهذه أحكام يجمعها ستّة أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون المؤمن ببلد يُفتن فيه في إيمانه فيُرغَم على الكفر وهو يستطيع الخروج، فهذا حكمَه حكم الذين نزلت فيهم الآية، وقد هاجر مسلمون من الأندلس حين أكرههم النصارى على التنصرّ، فخرجوا على وجوههم في كلّ واد تاركين أموالهم وديارهم ناجين بأنفسهم وإيمانِهم، وهلك فريق منهم في الطريق.

الحالة الثانية: أن يكون ببلدِ الكفر غيرَ مفتون في إيمانه ولكن يكون عرضة للإصابة في نفسه أو ماله بأسر أو قتل أو مصادرة مال، فهذا قد عرض نفسه للضرّ وهو حرام بلا نزاع، وهذا مسمَّى الإقامةِ ببلد الحرب المفسّرة بأرض العدوّ.
الحالة الثالثة: أن يكون ببلد غلب عليه غير المسلمين إلاّ أنّهم لم يفتِنوا الناسَ في إيمانهم ولا في عباداتهم ولا في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ولكنّه بإقامته تجري عليه أحكام غير المسلمين إذا عرض له حادث مع واحد من أهل ذلك البلد الذين =

<<  <   >  >>