للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن كاتب الدين لابد أن يكون عارفاً بكتابة الوثائق وما يلزم فيها، ووجه ذلك أنه لا يمكن الوصول إلى العدل إلا بذلك، فالآية تدل على ذلك بدلالة اللازم حيث إن العدل يلزم منه أن يكون عارفاً بكتابة الوثائق.

وافق السعدي على هذا الاستنباط جمع من المفسرين، قال الألوسي: (فالكلام كما قال الطيبي مسوق لمعنى، ومدمج فيه آخر بإشارة النص وهو اشتراط الفقاهة في الكاتب لأنه لا يقدر على التسوية في الأمور الخطرة إلا من كان فقيهاً ولهذا استدل بعضهم بالآية على أنه لا يكتب الوثائق إلا عارف بها عدل مأمون، ومن لم يكن كذلك يجب على الإمام أو نائبه منعه لئلا يقع الفساد ويكثر النزاع والله لا يحسب المفسدين) (١)، وممن قال بذلك أيضاً الرازي، وأبوحيان، والبيضاوي، وأبوالسعود، والسيوطي، وحقي، والقاسمي (٢)، وفي هذا الاستنباط تأييد لما ذهب إليه القضاء في وقتنا المعاصر من تخصيص كتاب عدل لكتابة الوثائق؛ لأن في ذلك حفظ لحقوق الناس بكتابتها من قبل متخصصين في هذا الشأن متفرغين ذهنياً له.

من عليه حق فالقول قوله في كل ما يتعلق بالحق من بيان مقداره وصفته ونحو ذلك.

قال تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا (٢٨٢)} (البقرة: ٢٨٢).


(١) انظر: روح المعاني (٢/ ٥٤).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٧/ ٩٧)، والبحر المحيط (٢/ ٣٦٠)، وأنوار التنزيل (١/ ٢٣٤)، وإرشاد العقل السليم (١/ ٣٢٠)، والإكليل (١/ ٤٥٠)، وروح البيان (١/ ٤٤٦)، ومحاسن التاويل (٢/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>