وقال قوم الحجة قول الخلفاء الراشدين، وذهب آخرون إلى أن الحجة قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وحاصل تحرير هذه المسألة: أن قول الصحابي الموقوف عليه له حالتان: الأولى: أن يكون مما لا مجال للرأي فيه. الثانية: أن يكون مما له فيه مجال. فإن كان مما لا مجال للرأي فيه فهو في حكم المرفوع كما تقرر في علم الحديث، فيقدم على القياس ويخص به النص، إن لم يعرف الصحابي بالأخذ من الإسرائيليات. وإن كان مما للرأي فيه مجال، فان انتشر في الصحابة ولم يظهر له مخالف فهو الإجماع السكوتي وهو حجة عند الأكثر، وإن علم له مخالف من الصحابة فلا يجوز العمل بقول أحدهم إلا بترجيح بالنظر في الأدلة، وإن لم ينتشر فقيل: حجة على التابعي ومن بعده لأن الصحابي حضر التنزيل فعرف التأويل لمشاهدته لقرائن الأحوال، وقيل ليس بحجة على المجتهد التابعي مثلا لأن كليهما مجتهد يجوز في حقه أن يخطئ وأن يصيب، والأول أظهر.
انظر: المستصفى في أصول الفقه (١/ ٤٠٠)، وروضة الناظر (٢/ ٥٢٥)، والمذكرة في أصول الفقه (١٦٣)، وإعلام الموقعين (٤/ ٩١).