وهذا الاستنباط يعد من دقائق الاستنباطات لأن الإرث فيه نفع للمورث وكون الوارث يقابل هذا النفع بالضرر فعقوبته بالحرمان هو اللائق بعدل الشريعة الإسلامية، فلا يليق أن يقتل القاتل ثم يرث مع ذلك، ولكنها حكمة الله سبحانه وتعالى حيث ختم الآية باسمين عظيمين دالان على تمام علمه، وتمام حكمته.
اختلاف الدين مانع من موانع الإرث.
١٣٠ - قال السعدي - رحمه الله -: (وبهذا ونحوه يعرف أن المخالف لدين الموروث لا إرث له (١)، وذلك أنه قد تعارض الموجب الذي هو اتصال النسب الموجب للإرث، والمانعُ الذي هو المخالفة في الدين الموجبة للمباينة من كل وجه، فقوي المانع ومنع موجب الإرث الذي هو النسب، فلم يعمل الموجب لقيام المانع، يوضح ذلك أن الله تعالى قد جعل حقوق المسلمين أولى من حقوق الأقارب الكفار الدنيوية، فإذا مات المسلم انتقل ماله إلى من هو أولى وأحق به، فيكون قوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}[الأنفال: ٧٥] إذا اتفقت أديانهم، وأما مع تباينهم فالأخوة الدينية مقدمة على الأخوة النسبية المجردة.
(١) أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم، والمسلم لا يرث الكافر، والحديث الشريف نص في المسألة، فقد روى أسامة بن زيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (لا يرث الكافر المسلم، ولايرث المسلم الكافر). أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفرائض، باب لايرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم، وإذا اسلم قبل أن يقسم الميراث فلا ميراث له، ح (٦٧٦٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفرائض، باب لايرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم، ح (١٦١٤).