للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفتنة، وأسباب المعصية؛ حتى ينجو من ذلك، ووجه استنباط ذلك من الآية أن يوسف هرب من موقع الفتنة لما دعته امرأة العزيز.

وهذا الاستنباط استنباطاً سلوكياً في كيفية التعامل مع المعصية وموقع الفتنة وأسبابها، وأن الهرب وعدم التعرض لذلك من أسباب النجاة، وفيه زجر وعظة لبعض العصاة في زماننا الذين يذهبون بأنفسهم إلى أماكن المعصية، ويتعرضون لأسباب الفتنة سواء ما كان منها مسموعاً أو مرئياً أو مكتوباً، فالهروب من الفاحشة والفتنة أمر ممدوح (١).

العمل بالقرائن عند الاشتباه.

قال تعالى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلُهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧)} (يوسف: ٢٦ - ٢٧).

٢٧١ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي من الفوائد المستنبطة من قصة يوسف-: أن القرائن يعمل بها عند الاشتباه (٢)، فلو تخاصم رجل وامرأته في شيء من أواني الدار، فما يصلح للرجل فإنه للرجل، وما يصلح للمرأة فهو لها، إذا لم يكن بينة، وكذا لو تنازع نجار وحداد في آلة حرفتهما من غير بينة، والعمل بالقافة في الأشباه والأثر، من هذا الباب، فإن شاهد يوسف شهد بالقرينة، وحكم بها في قد القميص، واستدل بقدِّه من دبره على صدق يوسف وكذبها.


(١) انظر: إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف (١/ ٣٢٨).
(٢) قال ابن القيم: (دلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وجمهور الأئمة على العمل بالقرائن واعتبارها في الأحكام) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ١٠٣).

<<  <   >  >>