للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يدل على هذه القاعدة، أنه استدل بوجود الصُّواع في رحل أخيه على الحكم عليه بالسرقة، من غير بينة شهادة ولا إقرار، فعلى هذا إذا وجد المسروق في يد السارق، خصوصاً إذا كان معروفاً بالسرقة، فإنه يحكم عليه بالسرقة، وهذا أبلغ من الشهادة، وكذلك وجود الرجل يتقيأ الخمر، أو وجود المرأة التي لا زوج لها ولا سيد، حاملاً فإنه يقام بذلك الحد، ما لم يقم مانع منه، ولهذا سمى الله هذا الحاكم شاهدا فقال: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلُهَا}). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مشروعية العمل بالقرائن عند الاشتباه، ووجه استنباط ذلك

من الآية أن شاهد يوسف شهد بالقرينة، وهي مكان القطع من الثوب، فإذا كان القد من

الأمام فهو قرينة على صدقها، لأنه دال على إقباله، وإن كان القد من الخلف فهو قرينة على صدقه، لأنه دال على إدباره وهروبه.

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال الشنقيطي: (يفهم من هذه الآية لزوم الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين، وكذب الآخر؛ لأن ذكر الله لهذه القصة في معرض تسليم الاستدلال بتلك القرينة على براءة يوسف يدل على أن الحكم بمثل ذلك حق وصواب؛ لأن كون القميص مشقوقاً من جهة دبره دليل واضح على أنه هارب عنها، وهي تنوشه من خلفه) (٢)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الجصاص، والهراسي، وابن عطية، وابن الفرس، والقرطبي، والطوفي، والألوسي، وابن عاشور. (٣)


(١) انظر: تفسير السعدي (٤٠٩)، وفوائد مستنبطة من قصة يوسف للسعدي (١٢١)، وفتح الرحيم (١٦٥)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٧٨).
(٢) انظر: أضواء البيان (٣/ ٧١).
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٢٢)، وأحكام القرآن للهراسي (٤/ ٧٥)، والمحرر الوجيز (٩٩٠)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٢١٧)، والجامع لأحكام القرآن (٩/ ١٥٠)، والإشارات الإلهية (٢/ ٣٣٠)، روح المعاني (٦/ ٤١٤)، والتحرير والتنوير (١٢/ ٢٥٧).

<<  <   >  >>