للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسب عقل العبد يكون قيامه بأمر الله.

قال تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١)} (الأنعام: ١٥١).

٢٢١ - قال السعدي - رحمه الله -: ({ذَلِكُمْ} المذكور {وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١)} عن الله وصيته، ثم تحفظونها، ثم تراعونها وتقومون بها. ودلت الآية على أنه بحسب عقل العبد يكون قيامه بما أمر الله به). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أنه بحسب عقل العبد يكون قيامه بما أمر الله به، فكلما كان العقل أكبر وأنضج وأكثر فهماً كان قبوله لأمر الله، وكلما نقص عقل العبد كلما كثر تركه وتكاسله عن القيام بما أمر الله به، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله عز وجل بعد بيانه لهذه المحرمات بين أن العقل يدل على النفور منها وأن في استخدام العقل كفاية في بيان حرمتها وعدم الوقوع فيها لتمييز العقل بين الضار والنافع، فأخذ السعدي من عموم المعنى أن الممتثل لأمر الله صاحب عقل، وعلى قدر امتثاله يكون عقله.

فبالعقل يعرف العبد فوائد هذه التكاليف ومنافعها في الدين والدنيا (٢)، فمن استخدم عقله امتثل، ومن لم يستخدم عقله في معرفة هذه الفوائد قل امتثاله، ولأنّ ملابسة بعض هذه المحرّمات ينبئ عن خساسة عقل، بحيث ينزّل ملابسوها منزلة من لا يعقل (٣).

وهذا المعنى المستنبط صحيح، ولكنه لوقيد كذلك بالتوفيق من الله لكان أكثر دقة، إذ نرى أصحاب عقول لكن أصحابها أهل معصية لله؛


(١) انظر: تفسير السعدي (٢٨٠).
(٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ٢٥٢)، والتفسير الكبير (١٣/ ١٩١).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٨/ ١٦٢).

<<  <   >  >>