للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية عدم جواز التطوع بالسعي مفرداً؛ فالسعي ليس عبادة مستقلة بل لابد أن يكون في حج أو عمرة، ووجه ذلك أن الله نفى الجناح فيمن سعى في الحج أو العمرة فدل هذا التقييد على عدم جواز إفراد السعي.

قال الرازي: (واعلم أن السعي ليس عبادة تامة في نفسه بل إنما يصير عبادة إذا صار بعضاً من أبعاض الحج، فلهذا السر بين الله تعالى الموضع الذي فيه يصير السعي عبادة فقال: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}) (١)، وممن قال به أيضاً النيسابوري (٢)، وأبو حيان، والهرري (٣).

التطوع المثمر لا يكون إلا بالخير.

قال تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)} (البقرة: ١٥٨).

٢٥ - قال السعدي - رحمه الله -: (. . . وقوله: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} ودل تقييد التطوع بالخير (٤)، أن من تطوع بالبدع، التي لم يشرعها الله


(١) انظر: التفسير الكبير (٤/ ١٤٣).
(٢) هو: نظام الدين، الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيسابوري، ويقال له الأعرج، أصله من بدلة (قم) ومنشأه وسكنه في نيسابور، مفسر، له اشتغال بالحكمة والرياضيات، له مؤلفات منها: غرائب القرآن ورغائب الفرقان، ولب التأويل. توفي عام ٨٥٠ هـ. انظر: الأعلام (٢/ ٢١٦)، ومعجم المؤلفين (٣/ ٢٩١).
(٣) انظر: غرائب القرآن ورغائب الفرقان (٢/ ٤٠)، والبحر المحيط (١/ ٦٣١)، وتفسيرحدائق الروح والريحان (٣/ ٦٢).
(٤) بناء على أن المراد بالتطوع هنا جميع الطاعات، وهو قول الحسن البصري واختاره الرازي فقال: وهذا أولى لأنه أوفق لعموم اللفظ، وهناك من يرى أن المراد تطوع بالسعي بين الصفا والمروة، ومنهم من يرى أن المراد من تطوع بالزيادة على الواجب. انظر: النكت والعيون (١/ ٢١٣)، والتفسير الكبير (٤/ ١٤٦).

<<  <   >  >>