للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذكر الفقراء في الآية على سبيل المثال (١)، وعليه فيتضح بُعد المفهوم الذي ذهب إليه السعدي، فيكون الإخفاء هنا عاماً ليس مخصصاً بالفقير؛ لما في الإخفاء من مظنة الإخلاص. والله أعلم.

وعلى هذه فالإسرار والعلانية في الصدقة راجع إلى المصلحة ويستوي في ذلك مصارف الصدقة سواء كانوا فقراء أم كانت مشاريع خيرية، فالإخفاء هو الأفضل إلا أن يكون في العلانية خير بتشجيع الناس على الصدقة أو الأخبار بحال فقير لا يعلمه أهل الصدقة. والله أعلم.

من تاب من الربا عفا الله عنه فيما سبق التوبة، ومن لم يتب عاقبه الله على الحالين.

قال تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥)} (البقرة: ٢٧٥).

٧٩ - قال السعدي -رحمه الله-: (قال تعالى {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} (٢) أي: وعظ وتذكير وترهيب عن تعاطي الربا على يد من قيضه الله لموعظته رحمة من الله بالموعوظ، وإقامة للحجة عليه {فَانْتَهَى} عن فعله وانزجر عن تعاطيه {فَلَهُ مَا سَلَفَ} (٣) أي: ما تقدم من المعاملات التي فعلها قبل أن تبلغه الموعظة جزاء لقبوله للنصيحة،


(١) انظر: تفسير القرآن الكريم للعثيمين (٣/ ٣٥٧).
(٢) استنبط بعض المفسرين من هذه الآية أن الله لا يؤاخذ الإنسان بفعل أمر إلا بعد أن يحرمه عليه، وكذلك أن العقود الواقعة في دار الحرب لا تتبع بعد الإسلام بالنقض. انظر: أضواء البيان (١/ ٢٢٩)، والإكليل (١/ ٤٤٧).
(٣) يُستنبط من هذه الآية تأصيلاً لما يسمى في علم الإدارة بالتحفيز، ووجه ذلك أن الله رغبهم في ترك الربا بعدم المؤاخذة على ما سلف منهم، فجعل عدم المؤاخذة تحفيزاً على الاستمرار على ترك الربا. والله أعلم.

<<  <   >  >>